الارشيف / اخبار الخليج / اخبار الكويت

الملامح التاريخية للكويت.. «البعثة» موثقاً.. بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم

  • سيف الحموري - الكويت - الخميس 27 أكتوبر 2022 09:10 مساءً - مواسم الغوص والتجارة كانت حاضرة في الأربعينيات وإن كانت سفن الغوص قلّت لكن «التجارية» امتدت لمسافات بعيدة
  • عادة أهل الكويت لم تتغير في قضاء موسم الوسم بـ «الكشتات» خارج المدن مع الاستعانة بكل الوسائل الكفيلة بقضاء وقت سعيد
  • «البعثة» وثّقت آلية الاختبارات في المدارس والاحتفالات الرياضية وإنجازات دائرة المعارف ودائرة بلدية الكويت والبريد والجمارك والموانئ

 

بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم


ها نحن نعود في مسامراتنا إلى مجلة «البعثة» التي تحدثنا عنها واخترنا منها في الفصل المنشور فيما مضى، ونحن نعود هنا بحسب الوعد السابق لكي نقدم بعض الاختيارات الملائمة.

وستكون اختياراتنا من هذه المجلة التي نعتز بها متجهة أكثر ما يكون إلى الأحداث التي جرت وتم ذكرها في حينها، وهي التي صارت في وقتنا هذا جزءا من تاريخ بلادنا، ولذا فإنه يحسن بنا أن نعود إلى ذكرها لكي تكون قريبة إلى الأذهان في وقتنا هذا.

إذن! فليكن هذا الفصل خاصا بالملامح التاريخية للكويت إبان بداية صدور مجلة «البعثة»، وهذا سيكون كما يلي:

1 - ذكرت المجلة في عددها الصادر في اليوم الأول من شهر أكتوبر لسنة 1947م كلمة عن النشاط الكويتي في الصيف، فقالت:

«بانتهاء الصيف، انتهى موسم الغوص على اللؤلؤ، وعلى الرغم من ضآلة عدد السفن التي ذهبت إلى مصائد اللؤلؤ بالنسبة للسنين الماضية، فإن محصول اللؤلؤ لا بأس به.

وبانتهاء موسم الغوص ابتدأ موسم سفر السفن التجارية، وهي في ازدياد دائم، ويقدر عددها في هذا العام بنحو ثلاثمائة سفينة تتراوح حمولة كل منها بين مائتين وأربعمائة طن، وهي تتوجه (أولا) من الكويت شمالا لشحن التمر، ثم إلى الهند والبحر الأحمر وأفريقيا».

وهذا الذي نشرته البعثة يدلنا على أن مهنة الغوص على اللؤلؤ، ومهنة السفر التجاري لا تزالان تسيران في سنة 1947م، وفق ما كانت تسير عليه الرحلات في السنوات التي سبقت، وإن كان عدد سفن الغوص قد قل. ولكن السفن التجارية كانت مستمرة في عملها تمتد نواحي عملها خارج البلاد إلى مسافات بعيدة.

هذا موسم، وهناك موسم آخر يهتم به الكويتيون جميعا، هو موسم الربيع الذي ينتظرونه منذ الزخات الأولى لمطر الموسم، وقد كتبت البعثة في هذا الشأن عند صدور عدد شهر أبريل للسنة ذاتها ما يلي:

«للربيع في الكويت رونق وجمال، يحتفل به الكويتيون ويتخذونه موسما للانطلاق من أسر المدن، وزحمة الأعمال، حيث يغادرون المدينة إلى الصحراء التي تكتسي في هذا الفصل حلة بديعة من العشب والنوار، فيضربون خيامهم على الروابي، أو على ساحل البحر، أو يذهبون إلى القرى المنبثة خارج المدينة لينعموا بحياة طليقة قرب الطبيعة المتفجرة بالروعة والجمال، وفي جو مفعم بالمرح والسرور ينسون متاعب الحياة وصعوباتها، وحينما يودعون الربيع، يعودون إلى أعمالهم أوفر صحة ونشاطا، وأقدر على مواجهة الحياة وصعوباتها».

هذه هي عادة أهل الكويت نقرأ عنها في سنة 1947م، ونراها أمامنا في سنة 2022م لم تتغير من حيث الرغبة في قضاء أيام من فصل الربيع خارج المدن، مع الاستعانة بكل الوسائل التي تكفل لهم قضاء وقت سعيد ينتظر أيامه الكبار والصغار.

ومما يذكر أن رحلات الربيع في الماضي (وكانت تسمى: كشتة) تشمل عددا كبيرا من الناس حتى تكاد مساكن أهل العاصمة تخلو لفترة الخروج السنوي إلى موسم عيد الطبيعة المنتظر.

وكان ذلك الخروج يستغرق وقتا طويلا، بحيث يؤثر على تحصيل تلاميذ المدارس، ومن أجل هذا، فإن مدارس ذلك الزمان كانت ترسل رسائل إلى الآباء قبل بداية عطلة نصف السنة التي كانت تدعى: عطلة الربيع، تحذرهم فيها من تأخير أبنائهم في الخارج بحيث ينقطعون فترة طويلة عن الدراسة. وتحثهم على العودة السريعة لصالح هؤلاء الأبناء.

وكان لشعراء الكويت اهتمام بالربيع، ومن الذي تستهويه مناظر الطبيعة الجميلة التي يهبها لنا الربيع مثل الشاعر الكويتي الشهير فهد العسكر، أنظر إليه حين ذكر الربيع في قصيدة كان يحيي بها الشيخ عبدالله السالم الصباح بمناسبة تقلده مقاليد الحكم في سنة 1950م، فابتدأ هذه القصيدة بذكر الربيع وقال:

جاء الربيع وأنت راقدْ

قم واشد يا ربَّ القصائدْ

ما للبلابل حين يبتسم

الصباح - وللمراقدْ

لك في الرياض أسَّرةُ

لا كالأسَّرة والوَسَائدْ

قم حيه فيها وصُغْ

ببهائه اسْنَى الفرائدْ

وكان جلوس الشيخ عبدالله السالم الصباح للحكم في يوم الخامس والعشرين من شهر فبراير للسنة التي ذكرناها.

وقد يكون الشاعر قد تأخر أياما فلم يقدمها حتى أطل الربيع في موسمه الذي يبدأ عادة مع بداية شهر فبراير من كل سنة.

أو انه أراد أن يشبه تولي الشيخ لحكم البلاد بأنه بمنزلة الربيع لها، وهذا تشبيه جيد ومتكرر في قصائد المدح القديمة التي ورثناها من الشعراء العرب الأوائل.

ولعل خير ما نستشهد به في هذا الشأن بيت قاله علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:

وابيض يُسْتَسْقَى الغمام بوجهِهِ

ربيع اليتامَى عصمة للأرامل

كان النابغة الذبياني مرتبطا بالنعمان ابن المنذر، منقطعا إليه، يمدحه في شعره ويحضر مجلسه. وقد جاء الشاعر مرة إلى هذا الملك فوجده مريضا وأبلغ بأنه إذا أراد الانتقال من مكان إلى آخر حمل إليه حملا فقال النابغة أربعة أبيات يذكر فيها ذلك ويتحسر على ما أصاب ممدوحه، فيقول:

أَلَم أُقسِم عَلَيكَ لِتُخبِرَنّي

أَمَحمولٌ عَلى النَعشِ الهُمام

فَإِنِّي لا أُلامُ عَلى دُخولٍ

وَلَكِن ما وَراءَكَ يا عِصامُ

فَإِن يَهلِك أَبو قابوسَ يَهلِك

رَبيعُ الناسِ وَالشَهرُ الحَرامُ

وَنُمسِكُ بَعدَهُ بِذِنابِ عَيشٍ

أَجَبِّ الظَهرِ لَيسَ لَهُ سَنامُ

والنابغة الذبياني من شعراء العرب المشهورين وله قصائد من غُرر الشعر وعصام هو حاجب النعمان. وفي آخر بيت له يقول: إننا سنبقى في شدة وبؤس إذا مات هذا الرجل الكريم، ويكون عيشنا شبيها بالجمل الهزيل الذي انقطع سنامه.

وقال الأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري أبياتا عن الفنطاس وهي من الأماكن التي كان الناس يقصدونها في الربيع منها:

خرجت من خَيْمَتِنَا لا أَنِي

أضرب في الأرض بذاك العراءْ

استنشق الانماس والبحر لا

لا تفتر أمواجُ له في ارْتقاءْ

يزقزق العصفور طوراً على الـ

ـغصن وطوراً سابحا في الفَضاءْ

تُجاوِبُ الأطيار تغريده

لهذه الأطيار روحى الفداءْ

يا ساكن الفنطاس منِّي لها

تحية ليس لها مِنْ فَنَاءْ

أما شاعر الكويت الشعبي فهد بورسلي، فقد كانت له أغانيه الكثيرة التي كانت تغنى في حفلات السمر التي تقام في المرابع التي يجتمع فيها الناس في وقت الربيع.

وكان منها أغنيته المشهورة التي كانت الفرق الشعبية تغنيها، ثم صارت تذاع في وسائل الإعلام المختلفة وهي التي يقول في بدايتها:

أمس الاثنين الضحّى

شفت لي غِرْوٍ عجيب

تحسب انها حققت

بي، وأنا ما أشوفهاثم يذكر الفتاة التي أعجب بها ودل عليها مطلع أغنيته، فيقول:

أحمر نفنوفها

والعباة امن الكريب

ما تميز صبغة السا

ق من نفنوفها

شالها عصرا الصبا

والغذا بيض وْحليبْ

لو تِجِيسْ الورد يا

سعود ضر اجفوفها

إلى أن يقول:

علة الفنطاس مـــا

يبتصر فيها الطبيب

من عيون بالمخا

زَرْ تِسِـــــلْ أسيوفها

(تحوفها: تخدمها. المخازر: تحدبق النظر).

>>ومما يفيدنا في تصفح مجلة البعثة ما يتصل بأخبار بلادنا في الزمن الماضي، الذي قد لا يتذكر أحد ما جرى فيه من حوادث، أن نعود إلى العدد الثالث للسنة الثانية من صدور المجلة، وذلك في الأول من شهر مارس لسنة 1948م فنعرف من خلال صفحة فيه كثيرا من الأخبار التي غاب الآن ذكر بعضها عن الأذهان، وجميل بنا أن نذكر هنا ما ند منها:

- الخبر الأول يتعلق بالتعليم، وفيه أن امتحانات آخر السنة الدراسية في الكويت سوف تبدأ في اليوم التاسع العشرين من شهر مايو لسنة 1948م، وستنتهي الدراسة في اليوم العاشر من شهر يونيو لسنة 1948م، وقد تقرر أن تبدأ الدراسة في السنة الدراسية اللاحقة في اليوم الخامس عشر من شهر سبتمبر، وبذا تكون عطلة الصيف ثلاثة أشهر.

ويبدو من الخبر أن هذه هي المرة الأولى التي يوضع فيها نظام يحدد موعد عطلة نصف السنة وعطلة الصيف في هذه الحدود الزمنية، وقد سارت دائرة معارف الكويت، ثم وزارة التربية بعد ذلك على هذا المنوال مع فرق يسير في الأيام زيادة أو نقصا إلى وقت متأخر.

ولكن الأمر اختلف عن ذلك في وقتنا هذا، فتعددت المواعيد بحسب مراحل الدراسة، ولم يعد الأهالي الذين يدرس أبناؤهم في أكثر من مرحلة قادرين على أن ينسقوا أمر سفراتهم الصيفية التي اعتادوها.

وعلى سبيل المثال فإن نهاية السنة الدراسية لرياض الأطفال صارت في اليوم الثاني من شهر يونيو، وصارت نهاية السنة للمرحلة الثانوية في اليوم الثالث والعشرين من شهر يونيو.

- ويقول الخبر الثاني: «أقيم الحفل الرياضي السنوي في يوم الإثنين 26 من شهر ابريل على أرض المعارف الجديدة»، وهذا هو ما كان يطلق عليه - آنذاك - اسم: المهرجان الرياضي، وكانت جميع مدارس الكويت تشارك بالعرض فيه على اختلاف مستويات تلاميذها السنية والدراسية. وكانت البلاد كلها تترقبه لما فيه من تشويق، وما تتخلله من ألعاب متنوعة، ولما يكشفه من مهارات الأبناء، ويتميز بما يلي:

أ - يحضره في كل سنة رئيس معارف الكويت الشيخ عبدالله الجابر الصباح وأعضاء مجلس المعارف وكبار العاملين في هذه الدائرة إضافة إلى المدعوين من المسؤولين وكبار الوجهاء، ويقوم الشيخ بتوزيع الجوائز على التلاميذ المبرزين في الألعاب بجميع أنواعها.

ب - تتبارى المدارس من خلال هذا المهرجان في تقديم أفضل عروضها، وتختار من بينها المدرسة الفائزة.

وكانت من أهم الفرق المشاركة في المهرجان: فرق الألعاب السويدية، وكان يطلق على كل فرقة اسم: الفريق الخاص. ولكل مدرسة فريق من هذا النوع تحرص إدارتها على إعداده وتدريبه لهذا المهرجان.

ج - كان مقر إقامة هذا المهرجان في الملعب الكائن في شارع فهد السالم بالعاصمة، وفي موقعه الآن بنايات: أنوار الصباح المعروفة.

أما المكان الذي أشارت إليه المجلة فهو في منطقة الشرق بالقرب من الموقع التي كانت فيه سينما الحمراء وسينما الفردوس.

- ثم جاءت ثلاثة أخبار ذات علاقة بدائرة معارف الكويت، هي:

أ - الخبر الخاص بالقرار الذي اتخذته الإدارة بشأن إنشاء مدرسة ابتدائية تلحق بها روضة في حي المرقاب، وفتح روضة للبنين وأخرى للبنات في حي القبلة.

وبهذا الشأن فإنه ينبغي أن يعرف أن الروضة في ذلك الوقت هي غير الروضة التي تعمل اليوم، فقد كان هذا الاسم يطلق على السنوات الدراسية الثلاث الأولى، أما المدرسة الابتدائية فكانت تضم تلاميذ السنوات الأربع اللاحقة لها.

وقد افتتحت - بالفعل - مدرسة المرقاب ومدرسة صلاح الدين، وافتتحت في حي القبلة مدرسة المثنى للبنين، ومدرسة الزهراء للبنات.

ب - أما الخبر الثاني في هذه المجموعة الثلاثية فينص على ما يلي:

«نظرا للنجاح الذي صادف المعهد الديني في هذا العام، فقد اتجه المجلس (مجلس المعارف) إلى بناء بناية خاصة به وسط البلد، على النظام الحديث. كما قرر أن تزاد فصول الدراسة إلى أربعة، وستطبع للمعهد بعض الكتب الخاصة به، وتدرس فيه اللغة الانجليزية من السنة الثانية».

وقد تم بناء المبنى المذكور، وكان موقعه خلف المبنى القديم البنك الكويت الوطني الذي كان قائما في شارع عبدالله السالم.

كما تمت الإجراءات الأخرى المذكورة في الخبر، ما عدا طباعة الكتب، وذلك لضآلة الأعداد المطلوبة منها ولذلك فقد كانت الكتب المقررة على طلاب هذا المعهد تستورد من مصر.

ج - وجاء بعد ذلك خبران لم تعد لهما - الآن - أهمية لأن الأول منها كان أن أعمال البناء الخاصة بدائرة معارف الكويت سوف تطرح في مناقصات عامة. وهذا الأمر - وإن كان جيدا في ذلك الوقت - فإنه اليوم عادي ينطبق على كافة أعمال الحكومة.

أما الخبر الثاني، فكان عن استقالة إحدى الموجهات، وإحدى المدرسات من العمل لدى دائرة معارف الكويت، وكان هذا خبرا مهما فيما مضى، ولكنه اليوم مع ازدياد أعداد العاملين والعاملات في المجال التربوي بصورة كبيرة جدا لم يعد مهما.

- ومن أهم أخبار سنة 1948م ما جاء عن دائرة بلدية الكويت، التي كانت - ولا تزال - من أنشط الدوائر الحكومية بسبب أهمية المسؤوليات التي تضطلع بها. ومما ذكرته المجلة:

«أخرجت إدارة البلدية ميزانيتها لعام 1366هـ، وهي الدورة الثامنة عشرة لها. وتبلغ مجموع ميزانيتها 3/6/1498243 روبية، وقد أخذت البلدية من المالية مليون روبية على حساب فتح الشارع الجديد، وأهم الإيرادات بعد ذلك هو إيراد الميناء ويبلغ 1/236885 روبية ورسوم السوق 4/ 59681 روبية ورسوم البترول 14/20176 روبية ورسوم الذبائح 3/11146 روبية.

وتتقاضى البلدية فوق ذلك رسوما يسيرة على الساحل والبسطات ودكاكين الطرق والمقاهي والمطاحن ومعامل البقصم، وعلى فتح الدكاكين الجدد والمطاعم والمقاهي والمخابز والحرف، وعلى الشهادات الصادرة وإجازة سياقة السيارات والدراجات، وعلى حفر البلاعات والمراحيض، ورسوما على الدلالين والحمالين، ورسوما لتحديد الأراضي الخارجية وكشفية المدير ورسوما على العربات.

وهناك إيراد ممتلكات البلدية ثم إيرادات الموازين وتقدر بـ 2/20103 روبية.

أما أهم المصروفات، فهي مرتبات الموظفين والعمال وقدرها 197180 روبية، وقد دفعت البلدية لتعويض ما قطع من الممتلكات 29617 روبية وقد صرف من هذه الميزانية على الشارع الجديد 21920 روبية».

يلاحظ أن الميزانية بالروبية وهي نقد تلك السنين، وكل روبية تساوي في بدء التحول إلى الدينار مبلغ خمسة وسبعين فلسا.

كما يلاحظ أنها كانت تؤرخ بالسنة الهجرية، ولذا فإن النص يشمل ميزانية سنة هجرية توافق سنة 1947 الميلادية.

ومن المعروف أن كافة دوائر الدولة قد تحولت عن التاريخ الهجري - ومنها دائرة بلدية الكويت - اعتبارا من سنة 1949م فصارت جميع أعمال الحكومة تؤرخ به.

وقد نشأت بلدية الكويت في سنة 1930م، وتكون لها مجلس كان رئيسه في البداية أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر الصباح. وهذا المجلس مكون من عدد من رجال الكويت ذوي الخبرة والدراية، ومديرها كويتي منذ نشأت. ومما يذكر أن الشيخ عبدالله الجابر الصباح قد تولى رئاسة مجلسها في فترة من الفترات.

ولا شك في أنها قد قامت بأعمال جليلة للكويت منذ أن بدأت في العمل، وكانت تتولى أعمالا صارت فيما بعد من مهام إدارات أخرى نشأت بعدها.

>>وفي هذه السنة وهي 1947م أخبار متناثرة أخرى منها ما يلي:

- تحول البريد اعتبارا من اليوم الأول من شهر أبريل لسنة 1948م فصار بريد الكويت تابعا للبريد الانجليزي مباشرة بعد أن كان تابعا لحكومة الهند البريطانية، وكذا الحال في البرق. وذلك إلى أن تحولا بعد بضع سنين إلى عهدة حكومة الكويت كما مر بنا في مسامرة سابقة.

- تعنى الكويت في سنة 1948م بالجمارك والمواني، وذلك تحسباً لما هو منتظر في المجال التجاري من تقدم واتساع، ولذا فقد بُدئ في هذه السنة بإعداد مبان خاصة بالجمارك منها مخازن ضخمة تم إنشاؤها فيما بعد غربي قصر السيف، وتم إنشاء رصيف لاستقبال البضائع الواردة وقد استفادت البلاد مدة طويلة من ذلك.

- كانت سنة 1948م هي أول سنة تعد فيها ميزانية لحكومة الكويت، وقد أعدتها دائرة المالية، وبدأ النظام المالي وفق ميزانيات محددة سنويا منذ تلك السنة.

- في سنة 1948م اجتاحت البلاد موجة من الجفاف، قالت عنها مجلة «البعثة» ما يلي:

«لم تنزل الأمطار هذا العام (يلاحظ أننا في شهر مايو) بقدر كاف في الكويت، ولذا لم يزدهر الربيع، فلم ينشط الكويتيون نشاطهم في كل عام للخروج إلى القرى والمخيمات في خارج المدينة ينشدون الراحة والانطلاق».

>>لابد أن ما تقدم يحتوي على معلومات لا بأس بها حول بعض الملامح عن الكويت في الفترة التي رجعنا فيها إلى أعداد التي صدرت من مجلة البعثة خلالها، ولو أردنا الكثير فإننا سوف نجد أمامنا ستة مجلدات أخرى ملأى بما نحن في حاجة إلى الإطلاع عليه، ولكن متابعة هذا الأمر من خلال مسامراتنا غير ملائم، وهو على كل حال - متروك لهمة من يريد أن يطلع على أعداد المجلة مباشرة، وهذا أمر ميسور.

ولكننا لا ينبغي أن ننهي ما قدمناه دون أن نختم بخاتمة لها طابع التحلية، ولا يكون ذلك إلا بعد العودة إلى الشاعر «العدرجيبي» الذي قرأنا له شعرا قبل ذلك. وهو - كما قلنا - شاعران في شاعر هم الأستاذ أحمد العدواني والأستاذ حمد عيسى الرجيب.

ولذا، نحن نختار لهذا الشاعر المزدوج أبياتا نظمها على نمط أبيات كانت تدرس في كتاب القراءة المصورة، في ذلك التاريخ، وقد كانت لي فرصة دراسة هذا الكتاب في المدرسة الأحمدية، والأبيات تقول:

يا وردة نبتت على

غُصن جميل ناظر

ما أنت إلا بهجة

ومسَّرة للناظـــــر

في الصدر أنتِ جميلة

مثل الوِسام الفاخروأذكر أننا ومدرسنا - رحمه الله - لم نكن نعرف ما هو الوسام الفاخر.

أما أبيات «العدرجيبي» فهي خارجة عن موضوع الوردة إلى موضوع آخر وإن اتخذت الشكل والوزن والقافية. يقول عن بدلته التي يرتديها بعد أن علق محرر المجلة بقوله إن هذا الشاعر يصف بدلة يلبسها على جسمه المكور، وقد أكل الدهر عليها وشرب، وغسل يديه بعد ذلك:

يا بدلة قامت على

جسم هزيل ضامرِ

ما أنت إلا خطفةُ

بل طزَّةُ للناظِرِ

لله ثقلكِ إن فيه،

عناءُ جِسْمِ خادِرِ

لله لونُكِ إن فيه،

سواد وجه كافِرِ

يا عِلةً رَبَضَتْ على

جسمي موحشٍ كاسرِ

خَرْبَطْتِ شكلي فاغتدَىَ

أُضْحُوكــة للسَّاخِــرِ

لا كنت لي يا بدلةً

زفتاءَ مثل خواطري

أشبهت عطل الدُّهن في

خُرج المعيدي الغابر

صار التسايُق في ارتدا

ئك فشلةَ للفاخرِ

يا بدلتي يا فشلتي

من طلعتي للزائرِ

(الطزة: الإصابة في العين، خربطت: غيّر الشكل إلى الأسوأ، العطل: نوع صغير من القرب، التسايق: التفاخر، فشلة: خجل).

وهذه هي نهاية المسامرة، وإلى اللقاء.

Advertisements